تختلف نظرة النّاس إلى كلمة السياسة باختلاف المجتمعات والنظم الدستورية القائمة فيها. فالسياسة في البلدان التي تحكمها أنظمة حكم ديمقراطية تعني مشاركة في الحملات الانتخابية والتطوّع في العمل لصالح هذا المرشّح أو ذاك والانغماس العملي في قضايا وبرامج عمل وأنشطة حركية ترتبط باستحقاقات انتخابية محدّدة زمنياً. أمّا في البلدان “غير الديمقراطية”، فإنّ السياسة تأخذ معنًى أكثر جدّية والتزاماً حيث يقترن العمل السياسي بأساليب وأطر حزبية يتحرّك معظمها في قوالب سرّية تضمن لها الوجود والاستمرار في ظلّ قوانين تمنع أصلاً وجودها السياسي.
لكن هذا الفرز العام بين مفهوم السياسة في “الأنظمة الديمقراطية” ومفهومها في “غير الأنظمة الديمقراطية” يتفرّع عنه أيضاً اختلافات بين من يمارسون السياسة لمصالح خاصّة فئوية وبين من يستخدمون العمل السياسي من أجل خدمة مبادئ وأهداف عامّة يستفيد منها المجتمع ككل.
لكن هناك شعب مغربي له قاموس خاص به بحيث يعتبر نفسه بعيدا عن السياسة وان هذه الاخيرة ليست الا مصدرا للبلاء المهم انهم لخصوها في جملة بسيطة كما يقولون..السياسة غير صداع الراس...
طبعاً السّمة المشتركة بين كلّ المجتمعات، بغضّ النظر عن طبيعة الحكم الدستوري فيها، هي ابتعاد أكثرية الناس عن العمل السياسي ووجود ما يُعرف باسم “الأكثرية الصامتة” التي تتجنّب السياسة والسياسيين وترى فيهما شرّاً لا بدَّ من الابتعاد عنه!
ويكبر حجم هذه “الأكثرية” كلّما كانت الممارسة السياسية في المجتمع قائمة على أساليب خاطئة أو على قناعة بفقدان الأمل بالتغيير أو على انحسار العمل السياسي في أشخاص وأطر حزبية ليست محلاً لثقة النّاس.